الأسرة صمام أمان المجتمعات والشعوب ، والمرأة هي الحصن الحصين لاستقرار الأسرة والمجتمع، ولذا الأعداء يسلّطون سهامهم الخبيثة ليل نهار لتدمير الأسرة وإفسادها، فالنساء نصف المجتمع ويلدون النصف الآخر فهن المجتمع كله ، لقد اهتم الإسلام بالأسرة اهتماماً كبيراً في جميع مراحلها ؛ لأنها تلبي مطالب الفطرة الإنسانية السوية ، ومنها يتعلم الإنسان الأخلاق الاجتماعية الحسنة كبر الوالدين واحترام الكبير ، والرحمة ، والكرم ، والشجاعة ، والصبر والتحمل ، والعادات والتقاليد الطيبة ، وللأسرة مهام اجتماعية كحفظ النسب من الاختلاط ، وحماية المجتمع من الأمراض الاجتماعية ، وحمايته من الأمراض الجنسية المصاحبة للزنى والشذوذ كالإيدز والهربس والزهري ، وتقوم بإعداد الفرد ليكون إنساناً صالحاً في نفسه وأسرته ومجتمعه ، والأسرة هي البيئة الأولى التي تعد الإنسان لتحقيق التكافل الاجتماعي ، وهي المكان الصحي الوحيد لتحقيق العبودية لله ، وتكوين الذرية الصالحة ، وعمارة الأرض ، وجاء الإسلام بالنهي والتحذير الشديد من الزنى واللواط والشذوذ والمثلية والعلاقات المحرمة ، لأنها مخالفة للفطرة السوية ومحرمة في الشريعة الإسلامية ، وجعل أشد العقوبات عليها ، كارتباط الذكر بالذكر ، أو الأنثى بالأنثى ، وكذلك العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى خارج نطاق الزواج ، فإن الإسلام لا يقرها ، ويعتبرها زنى ، وهي من كبائر الذنوب ، ولا تمثل هذه العلاقة شكل الأسرة في الإسلام، وكذلك حرم الانفلات الجنسي ، والإباحية المطلقة ، ونكاح المتعة ، ولقد عبرت الكاتبة (سوزان غللر) في كتابها: “على الرغم عنا” الذي أثار ضجة واسعة في الولايات المتحدة عن قلقها لانتشار ظاهرة الشذوذ بين الرجال، والتهرب من مسؤولية بناء الأسرة بسبب الاختلاط الفاحش، والتدهور الخلقي في المجتمع الأمريكي، فقالت: (لقد أدى انتشار الشذوذ بين الرجال أن أخذ شكل الرجل يتغير، فأصبح يهتم بزينته كما تهتم المرأة، ويرتدي الملابس الملونة الزاهية، ويكوي شعره، حتى أصبح من الصعب التفرقة بين الرجل والمرأة، وزادت شقة الخلاف بينهما، فهو يبحث عن متعه الخاصة الشاذة، ويضحي بالحياة الأسرية في سبيل فرديته وأنانيته، ثم زاد الطين بلة انتشار الإيدز بين الشواذ من الرجال أولاً، ثم انتقل المرض اللعين من الرجل إلى المرأة شيئاً فشيئاً، فتزايد عدد الرجال الذين لا يمكنهم الزواج بسبب المرض، وزاد عدد النساء اللواتي لا يمكنهن الزواج للسبب نفسه).

وفي المقابل تتزايد الولادات خارج إطار الزوجية في كل أوربا، وخصوصاً في بلدان الشمال، حيث تصل إلى نسبة الثلثين من الولادات في إيسلندا، و50% في الدنمارك والنرويج، و40% في فرنسا، وتتدنى هذه النسبة في جنوب أوربا.

وهذا أحد علماء الغرب يبين خطر أحد أشكال الأسرة، التي تعتبر من المشكلات والأزمات الرئيسة التي تسبب قلقاً لأمريكا، فيقول: (إن الإباحية الجنسية المفرطة التي سيطرت على أسلوب الحياة تهدد مركزية الأسرة، وذلك من خلال تفشي ما يسمى – الأسرة ذات الوالد الواحد -، والذي أسهم بدوره في تفكك خطير في الأواصر الرئيسة للترابط الاجتماعي).

فالإسلام جاء ونظم العلاقة الجنسية بين الرجال والنساء ، وجعل الأسرة بقيمها المنضبطة هي الحصن الحصين، والمعين الأول الذي ينهل منه الأفراد ما ينبغي أن يكونوا عليه كنماذج راشدة ، وهذا هو ما يحقق للمجتمع أمنه وترابطه.

إن الذين يسعون إلى تفكيك الأسرة أو الطعن في قدسية الرابط العقدي بين الزوج والزوجة، أو البحث عن تسهيل العلاقات غير المشروعة بين الجنسين وإقامة الكيانات البديلة أو شرعنة ما يناقض فطرة الله التي فطر الناس عليها ، يكذبون ويخادعون أنفسهم ومجتمعهم في هذه المسألة قطعاً مهما كان التظاهر بتنميق الكلمات واستبدال المصطلحات، ليس هناك مجتمع غربي أو شرقي يرقى الى مستوى البناء الأسري لدينا في الإسلام ، وليس هناك ما يماثل تماسك الاسرة كما هو عندنا ، وليس هناك مجتمع على وجه الارض يقدم ما تقدمه الأسر والمجتمعات العربية والإسلامية لأطفالها وأبنائها من حنان وعطف وخدمة وحرص ، وتعليم في أفضل المدارس والجامعات ، والأسرة لدينا لا تطرد الإبن أو البنت عندما يصل إلى سن الثامنة عشرة ، بل يبقى في رعايتها حتى ما بعد الزواج ، ويبقى همهم في رقبة والديه إلى الممات ، ويجب الابتعاد عن كل ما يفسد الأسرة ، والسعي للمحافظة عليها في كل زمان ومكان ؛ لأنها الحصن الحصين للدين والمجتمع.